في دراسة رائدة، نجح باحثون في تصنيع واستخدام أغشية منخل جزيئي هجينة من الكربون، تتميز بمسام نانوية وميكروية دقيقة مُتحكم بها بدقة، بالإضافة إلى دمج ذرات زنك مفردة. يُعد هذا النهج المبتكر ثورةً في تقنيات فصل الغازات، إذ يُقدم تحسينات كبيرة في الكفاءة والانتقائية.
ينبع تطوير هذه الأغشية الهجينة من الطلب المتزايد على مواد متطورة قادرة على مواجهة تحديات عمليات فصل الغازات في مختلف الصناعات، بما في ذلك الطاقة وحماية البيئة والتصنيع الكيميائي. غالبًا ما تعتمد طرق فصل الغاز التقليدية على عمليات كثيفة الاستهلاك للطاقة، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف التشغيل والمخاوف البيئية. ويمثل إدخال أغشية الغربال الجزيئي الكربونية الهجينة بديلاً مستدامًا من شأنه التخفيف من هذه التحديات.
يتضمن تركيب الأغشية عملية دقيقة تسمح بضبط أحجام المسام بدقة على المستويين النانوي والميكروي. تُعد هذه الدقة بالغة الأهمية، إذ تُمكّن الأغشية من ترشيح الغازات بشكل انتقائي بناءً على أحجامها وأشكالها الجزيئية. كما يُعزز دمج ذرات الزنك المفردة في بنية الغشاء من أدائه من خلال إنشاء مواقع نشطة إضافية تُسهّل امتصاص الغازات وفصلها.
في الاختبارات المعملية، أظهرت الأغشية الهجينة قدرات استثنائية في فصل الغازات، خاصةً في الخلائط الصعبة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان. وأظهرت الأغشية نفاذية وانتقائية ملحوظتين، متفوقةً بذلك على المواد التقليدية. ويكتسب هذا أهمية خاصة في سياق تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه (CCS)، حيث يُعد الفصل الفعال لثاني أكسيد الكربون عن الغازات الأخرى أمرًا أساسيًا للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
علاوة على ذلك، تُظهر الأغشية الهجينة إمكانات واعدة في تطبيقات متنوعة تتجاوز التقاط الكربون وتخزينه. إذ يُمكن استخدامها في تنقية الغاز الطبيعي، وإنتاج الهيدروجين، وحتى في صناعة الأدوية لفصل المركبات العضوية المتطايرة. ويفتح تعدد استخدامات هذه الأغشية آفاقًا جديدة للبحث والتطوير، مما قد يُؤدي إلى إنجازات في قطاعات متعددة.
يشعر الباحثون بالتفاؤل إزاء قابلية توسع عملية التركيب، وهو عامل حاسم للجدوى التجارية. ويستكشفون حاليًا أساليب إنتاج هذه الأغشية على نطاق أوسع مع الحفاظ على خصائص الجودة والأداء المُلاحظة في المختبرات. كما يجري التعاون مع شركاء الصناعة لتسهيل الانتقال من البحث إلى التطبيقات العملية.
بالإضافة إلى أدائها المتميز، تُعد أغشية المنخل الجزيئي الكربونية الهجينة صديقة للبيئة أيضًا. فالمواد المستخدمة في تركيبها وفيرة وغير سامة، مما يتماشى مع التركيز المتزايد على الاستدامة في علوم المواد. ويُعد هذا الجانب جذابًا بشكل خاص للصناعات التي تسعى إلى تقليل بصمتها الكربونية والالتزام بلوائح بيئية أكثر صرامة.
في ظلّ مواجهة العالم لتحديات تغيّر المناخ وإدارة الموارد، تُمثّل ابتكاراتٌ مثل أغشية المنخل الجزيئي الكربونية الهجينة خطوةً هامةً إلى الأمام. فمن خلال تحسين عمليات فصل الغازات، يُمكن لهذه الأغشية أن تلعب دورًا محوريًا في إيجاد حلول طاقة أنظف وتقليل الانبعاثات الصناعية.
في الختام، يُمثل تركيب واستخدام أغشية غربال جزيئي كربونية هجينة ذات مسام نانوية ودقيقة مُتحكم بها جيدًا، إلى جانب ذرات زنك مفردة، تقدمًا كبيرًا في علم المواد. بفضل قدراتها الاستثنائية على فصل الغازات وإمكاناتها في تطبيقات متنوعة، من المتوقع أن تُحدث هذه الأغشية تأثيرًا مستدامًا على الصناعات حول العالم، مما يُمهد الطريق لممارسات أكثر كفاءة واستدامة. يواصل الباحثون استكشاف الإمكانات الكاملة لهذه التقنية، بهدف نقلها من المختبر إلى التطبيقات العملية في المستقبل القريب.
وقت النشر: ١٩ ديسمبر ٢٠٢٤